حين تُحارب الكفاءات الفنية… الفنان جوادي عبد الفتاح نموذجا

صحيفة بلوس
صحيفة بلوس - مدير الموقع

في ظل وضع فني متأزم، يبدو أن الساحة الفنية المغربية أصبحت فضاءً لطرد الكفاءات واحتضان الرداءة، حيث يُقصى المبدع الصادق وتُمنح الأضواء لأصحاب العلاقات والنفوذ، حتى لو كانوا يفتقرون إلى أبسط مقومات الفن الحقيقي. ومن بين الأسماء التي دفعت ثمن هذا الواقع المرّ، يبرز الفنان جوادي عبد الفتاح، الذي اختار الهجرة إلى الديار الأوروبية، وتحديداً فنلندا، بعدما ضاق به الوطن ذرعاً.
ويُعدّ جوادي من الفنانين القلائل الذين امتلكوا موهبة حقيقية وقدرة مميزة على تقمص الأدوار، مما جعله محبوباً لدى الجمهور المغربي ومحل إشادة النقاد ، ورغم هذه الكفاءة، وجد نفسه محاصَراً بتهميش ممنهج وإقصاء غير مبرر من الساحة الفنية، بينما تُفتح الأبواب على مصراعيها لوجوه لا تحمل سوى الضجيج، وتعيد إنتاج شخصيات نمطية خالية من العمق والرسالة.
ولعلّ أحد أبرز ملامح هذا التردي، هو ما يُلاحظ من استحواذ بعض الأسماء على الإنتاجات الفنية، وتحويل الشاشة إلى مجال مغلق، لا يُسمح فيه بالمرور إلا لمن يرضى بالخضوع لمعادلات غير فنية. وتجدر الإشارة هنا، كما يردد العديد من المتتبعين، إلى ظاهرة الفنان محمد الخياري، الذي وإن كان يمتلك حضوره الخاص، إلا أن كثافة ظهوره وتحكمه في بعض مفاصل الإنتاج، جعلته – حسب منتقدين – جزءاً من المنظومة التي تُقصي وتُهمش بدل أن تُنصف وتُطوّر.
وفي اتصال هاتفي مع الفنان جوادي عبد الفتاح، قال إن “الفن في المغرب تحكمه حسابات ضيقة ومحسوبية مقيتة”، مضيفاً أن زميله محمد الخياري كان من بين الأسماء التي حاربته وضيقَت عليه مصدر قوته، فقط لأنه يمتلك موهبة حقيقية ويؤمن بفن نظيف لا يُباع ولا يُشترى”  ، وأكد جوادي أن ما تعرّض له من تضييق دفعه إلى اتخاذ قرار الرحيل في صمت، حفاظاً على كرامته ومبادئه الفنية.
وأمام هذا الوضع المؤسف ، وجد جوادي نفسه أمام خيارين ،إما الخضوع والمسايرة على حساب فنه وقيمه، أو الرحيل بصمت، وهو ما فعله بالفعل ، هاجر إلى فنلندا، وفضل أن يعيش بكرامة على أن يبقى رقماً مهمشاً في وطن لا يعترف إلا بـ”الولاء” لا بالموهبة و تجربة جوادي عبد الفتاح ليست حالة معزولة، بل تعكس أزمة أعمق في المشهد الثقافي والفني المغربي، الذي بات يحتاج إلى مراجعة جذرية تُنصف الكفاءات الحقيقية وتُعيد الاعتبار للموهبة والاحتراف، وتُوقف من حولوا الفن إلى مجرد صفقات شخصية تُدار في الكواليس.

جدير بالذكر أن ظاهرة محاربة الفنانين وإقصائهم ليست جديدة على الساحة، فقد طُرحت مراراً وتكراراً، لكن من دون أن يُحرّك أحد ساكناً ويبقى السؤال معلقاً  إلى متى؟

مشاركة هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *