تشهد الساحة الرياضية بمدينة مريرت في الآونة الأخيرة حالة من الغليان والارتباك، بعد الإعلان عن اندماج نادي شباب مريرت لكرة القدم مع نادي أولمبيك مريرت، في خطوة أثارت الكثير من الجدل بين مؤيد يعتبرها محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ورافض يصفها بأنها عملية “إقبار” لاسم تاريخي ظل لعقود طويلة واجهة المدينة رياضيًا.
1. جذور الأزمة: مسؤولية التسيير السابق
لم تأت أزمة شباب مريرت من فراغ، بل كانت حصيلة سنوات من التدبير المرتجل والقرارات غير المدروسة التي اتخذها بعض المسيرين السابقين. هؤلاء تركوا وراءهم تراكمات مالية خانقة، نزاعات قضائية وشكايات لدى الجامعة الملكية، إلى جانب فقدان الثقة لدى اللاعبين والأطر التقنية وحتى الجماهير.
وعندما تسلم المكتب المديري الحالي مهام التسيير، وجد نفسه أمام “قنبلة موقوتة”، إذ لم يكن يتوقع حجم المشاكل الموروثة ولا ثقلها المالي والإداري، وهو ما جعل كل محاولاته تنحصر في تدبير الأزمة بدل التفكير في تطوير النادي.
2. الاندماج: حلّ أم هروب إلى الأمام؟
جاء قرار الاندماج بمثابة “الخيار الأخير” لتخفيف الضغط، غير أن هذا الحل لم يلامس جذور المشكل بقدر ما حاول الالتفاف عليه. فالنزاعات المرتبطة بالجامعة لن تزول تلقائيًا، بل ستظل قائمة وتلاحق الكيان الجديد، وهو ما يعني أن المكتب المقبل سيدخل المعركة نفسها لكن بواجهة جديدة.
3. هوية النادي بين التاريخ والواقع
إن أخطر ما أثاره هذا الاندماج هو طمس هوية فريق شباب مريرت، الفريق الذي ظل لعقود مدرسة كروية ورافعة اجتماعية وثقافية داخل المدينة. بالنسبة للجماهير، لم يكن الشباب مجرد نادٍ رياضي، بل رمزًا لانتماء وذاكرة، وهو ما يجعل “دفن الاسم” جرحًا عميقًا في الوجدان الرياضي المحلي.
4. الجهات المستفيدة: رؤية أم أجندة؟
يذهب الكثير من المتتبعين إلى أن هذا الاندماج جاء استجابة لأجندات معينة، تسعى منذ سنوات إلى تقليص عدد الأندية المحلية تحت ذريعة “ترشيد الدعم” و”تجميع الموارد”. لكن هذه الرؤية وإن بدت عقلانية من زاوية مالية، فإنها قد تؤدي عمليًا إلى إضعاف البنية الرياضية للمدينة وتهميش أجيال من المواهب الشابة.
5. مقترحات عملية للخروج من الأزمة
1. إجراء افتحاص مالي وإداري شامل لتحديد المسؤوليات بدقة، والكشف عن الاختلالات التي عرفها النادي خلال السنوات الماضية، ضمانًا للشفافية وربطًا للمسؤولية بالمحاسبة.
2. تسوية النزاعات المفتوحة مع الجامعة الملكية عبر مفاوضات جدية، قبل التفكير في أي مشروع اندماج أو إعادة هيكلة.
3. إشراك الفاعلين المحليين (المنتخبون، الجمعيات الرياضية، فعاليات المجتمع المدني) في صياغة رؤية موحدة للنهوض بكرة القدم في مريرت، بدل ترك الأمور بيد فئة محدودة.
4. إعادة هيكلة المنظومة التكوينية، بالتركيز على الفئات الصغرى والمدارس الكروية، حتى تستعيد المدينة دورها كمشتل للمواهب.
5. تأطير الدعم العمومي من خلال ربط المنح بمعايير واضحة: النتائج، التسيير السليم، وتطوير الفئات الصغرى، بما يضمن حسن استعمال المال العام.
خلاصة
إن اندماج الأندية بمريرت كشف حجم الأزمة البنيوية التي تعيشها الرياضة المحلية. فبينما يرى البعض فيه حلاً مرحليًا، يعتبره آخرون هروبًا إلى الأمام لن يخدم سوى مصالح ضيقة. غير أن الحقيقة الثابتة هي أن شباب مريرت دفع ثمن سنوات من التسيير الفاشل، وأن المكتب المديري الجديد وجد نفسه في مواجهة إرث ثقيل لم يكن مستعدًا له.
ويبقى الأمل معقودًا على فتح صفحة جديدة قوامها المحاسبة، الشفافية، وتصور استراتيجي يعيد لكرة القدم في المدينة بريقها المفقود.


