مرصدان ينددان بصفقة “تنقية الغابة”: إبادة ممنهجة للغطاء الغابوي في بوسكورة والوكالة الوطنية للمياه والغابات في قفص الاتهام

صحيفة بلوس
صحيفة بلوس - مدير الموقع

في خضم الجدل المثار حول صفقة “تنقية الغابة من الأشجار الميتة والمتساقطة”، أصدر المرصد المغربي لحماية المستهلك، بشراكة مع المرصد الوطني لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد وحماية المال العام، بلاغاً نارياً عبّرا فيه عن قلقهما البالغ واستنكارهما الشديد لما اعتبراه “انحرافاً خطيراً” في تنفيذ أشغال الصفقة رقم 07.A.O 01/2024، التي أطلقتها الوكالة الوطنية للمياه والغابات، والتي تشمل أكثر من 150 هكتاراً من غابة بوسكورة.

البلاغ كشف أن الأشغال، التي وُصفت تقنياً بأنها تهدف إلى “تنقية الغابة”، تحولت ميدانياً إلى عمليات اجتثاث كاملة للأشجار، سواء الميتة أو السليمة، مما يشكل -بحسب المرصدين- تهديداً مباشراً للتوازن البيئي ويقوض وظيفة الغابة كمتنفس طبيعي واستراتيجي لساكنة الدار البيضاء.

وأعرب المرصدان عن استغرابهما من التناقض بين ما تم الإعلان عنه وبين ما يجري على أرض الواقع، معتبرين أن الأمر لم يعد يتعلق بتنقية، بل بـ”إبادة” ممنهجة للغطاء الغابوي، من خلال اقتلاع الأشجار من الجذور، دون مراعاة للبعد البيئي ولا للالتزامات القانونية المتعلقة بحماية الطبيعة.

وتساءل البلاغ عن مدى احترام الصفقة للمقتضيات القانونية والتنظيمية، مشيراً إلى ضرورة تفعيل مقتضيات القانون 31-13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، خاصة المادة 10 التي تلزم الإدارات بتمكين المواطن من المعطيات المرتبطة بالصفقات العمومية. كما نُبّه إلى أن مقتضيات الفصلين 27 و36 من الدستور المغربي، تنصّ صراحة على ضرورة احترام مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما يشكك البلاغ في مدى تحققها في هذه الصفقة.

المرصدان أشارا أيضاً إلى أن توقف الأشغال لمدة ستة أشهر ثم استئنافها بشكل مفاجئ وبدون أي تبرير رسمي، يطرح علامات استفهام إضافية حول تدبير هذا الملف، ويزيد من حدة الغضب الشعبي الملاحظ لدى ساكنة المنطقة.

وفي هذا السياق، دعا المرصد المغربي لحماية المستهلك وشريكه المرصد الوطني لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد، المدير الجهوي للوكالة الوطنية للمياه والغابات إلى تقديم توضيح رسمي للرأي العام، حول ملابسات الصفقة وظروف تنفيذها، كما طالبا السلطات المحلية بفتح تحقيق عاجل وشفاف لتحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية، خصوصاً في ظل ما وُصف بـ”المساس الجسيم بالثروة الغابوية والمال العام”.

وأكد البلاغ أن المرصدين سيتابعان الملف على المستويات القانونية، الإعلامية والحقوقية، إلى حين الكشف الكامل عن الحقائق وضمان المساءلة والمحاسبة، مع توجيه نداء إلى وسائل الإعلام الوطنية والجهوية من أجل مواكبة هذا الملف باعتباره قضية رأي عام تتعلق بالحق في بيئة سليمة وبتدبير المال العام.

وختم المرصدان بلاغهما بالتأكيد على أن “حماية المال العام والبيئة وجهان لعملة واحدة، والتساهل في أحدهما يعني التفريط في الآخر”، في رسالة واضحة إلى مختلف الفاعلين بضرورة التحرك العاجل لوقف ما يجري من تجاوزات، وإعادة الاعتبار لحق المواطن في بيئة آمنة ومستدامة.

مشاركة هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *