في واقعة أثارت موجة غضب واسعة، أقدمت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني بمدينة تامسنا على تنظيم نشاط احتفالي بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء أمام المسجد الكبير، تخلله الغناء والرقص، في مشهد اعتبره المواطنون إساءة صريحة لحرمة بيوت الله وتجاهلاً صارخاً لمشاعر المصلين.
واعتبر عدد من سكان المدينة أن اختيار ساحة المسجد الكبير لإقامة الاحتفال كان قراراً غير موفق إطلاقاً، بل مستفزاً، متسائلين عن سبب غياب الحس الديني والمسؤولية لدى المنظمين، وعن صمت السلطات المحلية التي سمحت بإقامة نشاط من هذا النوع في مكان مقدس يفترض أن يُصان لا أن يتحول إلى ساحة صخب وغناء.
وفي تصريحات متطابقة لعدد من المواطنين، عبروا عن استنكارهم الشديد لما حدث، مشيرين إلى أن الترخيص لمثل هذا النشاط أمام المسجد الكبير يُعد إخلالاً بمقتضيات الظهير الشريف المنظم للمساجد، الذي يفرض احترام حرمتها وما يحيط بها، فضلاً عن كون الفصل 220 من القانون الجنائي يعاقب كل من يتعمد الإساءة إلى الشعائر الدينية أو يعطلها أو يعرقلها ،كما ينص قانون التجمعات العمومية على ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من السلطات المحلية، ما يجعل من الترخيص الحالي محل تساؤل وانتقاد واسع.
ولم يتوقف الغضب الشعبي عند حدود الساكنة، ولعل ما زاد من حدة الاستياء، هو غياب أي تدخل فوري من الجهات المسؤولة لوقف هذا الخرق الواضح لحرمة المسجد، وكأن الأمر لا يعنيها، رغم أن حماية المقدسات الدينية تقع في صميم مهامها، هذا الصمت المريب فسّره البعض على أنه تهاون غير مقبول من طرف السلطات المحلية، التي كان يفترض بها أن تفرض النظام وتمنع مثل هذه الممارسات التي تسيء لصورة المدينة وتضرب في عمق الثوابت الدينية والوطنية للمملكة.
وفي الوقت الذي تُبذل فيه مجهودات كبيرة لترسيخ قيم الاحترام والانضباط داخل الفضاءات العمومية، يأتي هذا النوع من الأنشطة ليضرب تلك الجهود عرض الحائط، وليكشف عن غياب التنسيق والرقابة، بل وحتى الوعي بمكانة المسجد كرمز للسكينة والوقار، لا يجوز المساس بحرمته تحت أي مبرر، ولو كان احتفالاً بذكرى وطنية.
وفي سياق متصل، دعا عدد من الفاعلين الجمعويين والأئمة إلى ضرورة مراجعة منهجية الترخيص للأنشطة العمومية، واحترام الضوابط القانونية والدينية المنظمة لها، حتى لا تتكرر مثل هذه الوقائع التي تمس القيم المشتركة للمجتمع المغربي المحافظ ،وطالبوا في المقابل بفتح نقاش جاد حول حدود الحرية في الفضاء العام، بما يضمن التوفيق بين الاحتفال الوطني واحترام المقدسات الدينية.
وفي ختام ردود الأفعال الغاضبة، شدد عدد من المتابعين على أن الوطنية لا تُقاس بعدد الأغاني أو مظاهر البهرجة، بل تُقاس بمدى احترام المواطن لقيم دينه ووطنه ومؤسساته، وأن من أراد تخليد ذكرى المسيرة الخضراء فعليه أن يستحضر روحها في الانضباط والتقدير، لا في مظاهر التسيب أمام بيوت الله.
تامسنا.. استياء عارم بعد انتهاك حرمة المسجد الكبير بالغناء والرقص أمام مرأى الجميع
مشاركة هذه المقالة
لا توجد تعليقات


