جواد المصطفى
تشهد مدينة الجديدة حالة من الجدل داخل أروقة المجلس الجماعي بسبب اعتراض قسم الممتلكات على تصميم التهيئة المعتمد للرسمين العقاريين 2857 س و6805 س، وهو ما أثار انتقادات من بعض المستشارين الجماعيين الذين اعتبروا هذه الاعتراضات تناقضًا صارخًا مع مقررات سابقة للمجلس الجماعي، وتهديدًا للتوازن البيئي في المدينة.
من بين النقاط المثيرة للجدل، الاعتراض المقدم بشأن الرسم العقاري 2857 س، الذي تبلغ مساحته 5484 متر مربع والمسجل تحت اسم “ملك بنسيمون”. هذا العقار، الذي سبق أن قرر المجلس الجماعي خلال دورة أبريل 2010 تخصيصه لإقامة ساحة ملكية، تم تحويله في دورة 2011 من ملك خاص إلى ملك عام، ليصبح مشروعًا يخدم الصالح العام وساكنة مدينة الجديدة.
إلا أن قسم الممتلكات، وبشكل مفاجئ، تجاهل هذه القرارات السابقة واقترح إقامة طوابق سكنية على العقار بناءً على التهيئة الجديدة، وهو ما أثار استغراب المستشار الجماعي محمد الغرباوي ، الذي وجه كتابًا رسميًا إلى رئيس الجماعة الترابية يطالب فيه بإلغاء هذا الاعتراض والالتزام بالمقررات السابقة.
القضية الثانية تتعلق بالرسم العقاري 6805 س، المصنف ضمن المناطق المخصصة للمساحات الخضراء (VE37) وفق وثيقة Règlement d’Aménagement. هذا العقار كان مخصصًا لإنشاء مساحة خضراء، وهي من المشاريع التي تكتسي أهمية كبيرة في ظل التوسع العمراني السريع الذي تعرفه مدينة الجديدة.
غير أن قسم الممتلكات اقترح تحويل هذا الرسم إلى عمارات سكنية، مستندًا إلى التهيئة العقارية المجاورة. هذا الاقتراح قوبل بمعارضة شديدة من طرف الغرباوي ، الذي يرى أن المساحات الخضراء أصبحت شبه منعدمة في المدينة، وأن الحفاظ عليها ضرورة بيئية ومجتمعية لا تقبل المساومة.
أوضح المستشار الجماعي محمد الغرباوي في مراسلته الرسمية توصلنا بنسخة منها ، أن هذه الاعتراضات قد تضر بمصداقية الجماعة، خاصة أنها تتناقض مع مقررات المجلس الجماعي السابقة التي تسعى للحفاظ على الطابع البيئي للمدينة. وأكد على أهمية إبقاء الساحة الملكية والمساحات الخضراء كجزء أساسي من رؤية المجلس لتعزيز جودة الحياة في مدينة الجديدة.
كما دعا الغرباوي إلى تدخل عاجل من رئيس الجماعة لإلغاء هذه الاعتراضات، وطالب بإدراج توضيحات مفصلة حول دوافع قسم الممتلكات خلال الدورة المقبلة للمجلس الجماعي، المقررة في 8 نونبر 2024.
في ظل التوسع العمراني المتسارع، تواجه مدينة الجديدة تحديات كبرى تتعلق بالحفاظ على البيئة والمساحات الخضراء. الحزام الأخضر للمدينة، الذي يشكل ركيزة أساسية لدعم البيئة ، أصبح مهددًا بسبب توجهات غير مدروسة تهدف إلى تحويل أراضٍ مخصصة للمساحات الخضراء إلى مشاريع عقارية هذا ينعكس على إعدام المساحات الخضراء بمدينة الجديدة .
وأكد المستشار الجماعي لهذه التوجهات أن الحفاظ على المساحات الخضراء ليس رفاهية، بل هو حاجة ملحة تسهم في تحسين المناخ لمدينة الجديدة ، والحد من التلوث، وتوفير فضاءات ترفيهية لساكنة المدينة.
القضية المطروحة حول الرسمين العقاريين 2857 س و6805 س تعكس صراعًا بين رؤى مختلفة لتطوير المدينة. وبينما يدافع قسم الممتلكات عن التوسع العمراني، يرى منتقدوه أن هذا التوسع يجب أن يتم بشكل متوازن يحترم قرارات المجلس السابقة، ويحافظ على البيئة والمصلحة العامة.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستتراجع الجماعة عن هذه الاعتراضات حفاظًا على مصداقيتها؟ أم أن التوسع العمراني سيظل سيد الموقف في مدينة الجديدة؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة


