هيلان
تتصاعد الأصوات في المغرب يوما بعد يوم، مطالبة بوضع حد لظاهرة حمل السلاح الأبيض التي باتت تُهدد أمن المواطنين وسكينتهم، لا سيما بعد أن اقترنت بعدد من السرقات والاعتداءات التي شهدتها مدن مغربية مختلفة، فظاهرة التسلح غير المشروع بسكاكين وسيوف، في الأحياء والأماكن العامة، لم تعد حالات فردية أو معزولة، بل تحوّلت إلى نمط خطير، يدق ناقوس الخطر حول السلامة الجسدية للناس، خاصة مع انتشار هذه المشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي.
جهود أمنية متواصلة واستنفار ميداني
أمام هذا الوضع، كثّفت مصالح الأمن الوطني من تدخلاتها وحملاتها الوقائية، حيث تعمل بتنسيق يومي مع النيابات العامة لضبط حاملي الأسلحة البيضاء في الشوارع، خاصة في صفوف القاصرين أو ذوي السوابق، كما تم تعزيز الحضور الأمني في محيط المدارس والأسواق والأحياء الشعبية التي تعرف معدلات مرتفعة للجريمة.
القانون الجنائي المغربي نصوص زجرية قائمة لكنها غير مفعّلة
ما لا يعلمه كثيرون هو أن القانون الجنائي المغربي يتوفر على ترسانة قانونية رادعة، كان يمكن أن تُشكل حاجزًا قويًا أمام هذه الظاهرة، غير أن عدم تفعيلها بالشكل المطلوب أضعف من تأثيرها العملي.
ومن أبرز هذه النصوص:
المادة 507 التي تنص على أن “السرقة يعاقب عليها بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا لسلاح، حسب مفهوم المادة 303، سواء كان ظاهرًا أو خفيًا، حتى ولو ارتكبها شخص واحد، وبدون توفر أي ظرف آخر من الظروف المشددة.” كما تنص على تطبيق نفس العقوبة إذا تم الاحتفاظ بالسلاح في ناقلة مستخدمة للهروب.
المادة 508 التي تفرض عقوبة السجن من 20 إلى 30 سنة على السرقات التي تُرتكب في الطرق العامة، أو وسائل النقل، أو في محيط الموانئ والمطارات، إذا اقترنت بظرف مشدد واحد على الأقل.
رغم وضوح هاتين المادتين، إلا أن تفعيلهما في الممارسة القضائية ظل محدودًا، ما يثير تساؤلات المجتمع حول جدوى وجود قوانين زجرية دون تنفيذ فعلي، خاصة في ظل تزايد عدد الضحايا والأحداث المرتبطة باستخدام السلاح الأبيض في الاعتداءات أو السرقات.
المجتمع المغربي يطالب بتفعيل القانون
في ظل تكرار هذه الأحداث، أصبحت المطالب المجتمعية أكثر إلحاحًا بضرورة تفعيل هذه المواد القانونية، وإنزال أقصى العقوبات بكل من يثبت تورطه في حمل السلاح الأبيض أو استعماله في التهديد والسرقة، خصوصًا أن ذلك يخلق حالة من الرعب وسط الأسر ويهدد استقرار الأحياء.
كما عبّر عدد من الحقوقيين والمهتمين بالشأن العام عن ضرورة دمج المقاربة الأمنية بالقانونية، داعين إلى تعزيز الرقابة على منافذ بيع السكاكين والسيوف، والضرب بيد من حديد على كل من يعبث بأمن المواطنين.
إن تفعيل المادتين 507 و508 من القانون الجنائي المغربي لا يُعد خيارًا، بل ضرورة ملحة لوقف النزيف الأمني والحد من الجرائم المرتبطة بالسلاح الأبيض، فبينما تقوم مصالح الأمن بدورها الميداني على أكمل وجه، تبقى المؤسسة القضائية والتشريعية مطالبة بإعطاء هذه النصوص قوتها التنفيذية على أرض الواقع، بما يعزز الثقة في القانون ويعيد الطمأنينة إلى الشارع المغربي


