في خطوة توصف بأنها “رشّة فلفل حار” فوق جرح نازف، قرر مجلس جماعة الهرهورة أن ينعش ميزانيته على حساب جيوب أصحاب المقاهي والمطاعم، عبر زيادات ضريبية وصفها المهنيون بـ”القفزة الأولمبية” في عالم الجبايات.
الزيادة لم تكن مزحة ثقيلة في أول أبريل، بل واقعاً صادماً: من 280 درهماً إلى 2400 درهم للمتر المربع الواحد لاستغلال الملك العام – نعم، هذا الرقم حقيقي، ولم يُضف عليه صفر بالخطأ – بالإضافة إلى اقتطاع 10% من رقم معاملات المشروبات، وكأن الأزمة الاقتصادية الحالية لا تكفي لشد الخناق على هذه المقاولات التي بالكاد تتنفس.
رد فعل الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب جاء سريعاً، وأقرب إلى صرخة احتجاجية بطعم القهوة المُرّة، إذ دعت إلى إغلاق إنذاري لمدة 48 ساعة يومي 19 و20 ماي، احتجاجاً على ما اعتبرته “جباية تعسفية بمذاق لاذع”، مطالبة بإعادة النظر في القرار، وبدعوة بسيطة إلى إشراك المعنيين بالأمر، بدل مفاجأتهم كأنهم في لعبة “الحكمة والجباية”.

بعض المراقبين، الذين لم يفقدوا بعد حسهم الواقعي، يرون أن هذه الزيادات قد لا تدر الأموال المنتظرة، بل ربما تدرّ إغلاقات جماعية وتحايلاً على القانون، مما يعني أن الجماعة قد تحصد ريح قراراتها، لا أموالها.
وفي الوقت الذي تُخرج فيه جماعة الهرهورة دفتر الجبايات وتبدأ في “تصفيف الفواتير” على رؤوس أصحاب المقاهي والمطاعم، لا تزال الأصوات الحرة تصرخ مطالبة بفتح تحقيق في كواليس تدبير مرائب السيارات، وعائداتها التي تبدو وكأنها دخلت في حفلة تنكرية ؛ لا أحد يعرف شكلها، ولا من أين تأتي، ولا أين تذهب.
الجماعة، التي تعيش على صفيح ساخن يكاد ينفجر تحت أقدامها، تواجه عاصفة من الانتقادات، ليس فقط بسبب الجبايات، بل بسبب رئيسها الذي يبدو وكأنه يهوى السير على حافة الفضائح من توظيف عمال عرضيين في مقر سكناه – لأن المقرات الرسمية على ما يبدو “لا تليق بمقامهم” ، إلى توزيع “منح تحفيزية” على بعض المراسلين ببطاقات من فئة 200 درهم للدورة الشهرية ، فقط لكي يُشيحوا بأنظارهم عن الكوارث التي تحتاج مجهرًا لا لتضخيمها، بل لفهم كيف حدثت أصلاً.
وسط هذه الطنجرة التي تغلي، لا يزال الأمل قائماً في إطفاء النار عبر حوار جاد ومسؤول بين السلطات المحلية والمهنيين، لأن آخر ما يحتاجه الاقتصاد المحلي حالياً هو أن يتحول فنجان القهوة إلى سلعة فاخرة لا يقدر عليها سوى أصحاب الحسابات المنتفخة وأبناء المسؤولين الفاشلين، الذين وُلدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب.


