المرض النفسي في علاقة الشغل بين الحق في الصحة النفسية وخطر فقدان العمل

هيئة التحرير

هيلان

في ظل تنامي الضغوطات المهنية، بات الحديث عن الصحة النفسية داخل مقرات العمل أمراً مشروعاً وضرورياً، غير أن هذا الحديث، وإن كان حقاً من الحقوق الأساسية لكل أجير، قد يتحول إذا لم يُحسن تدبيره إلى سلاح ذو حدين، خاصة عندما يُستعمل دون سند طبي مختص، أو يُعلن عنه دون وعي بتبعاته القانونية.

وفقاً لما تنص عليه مدونة الشغل المغربية، فإن فسخ عقد الشغل من طرف المشغل لا يجوز إلا لأسباب مبررة ومشروعة، كما جاء في المادة 35، غير أن المرض المزمن أو العجز الدائم عن أداء المهام يعتبر من بين الأسباب التي تخول للمشغل إمكانية إنهاء العلاقة الشغلية، بشرط أن يثبت ذلك بتقارير طبية معتمدة.

وهنا تبرز الإشكالية: حين يتقدم الأجير، عن حسن نية أو بدونه، بتقرير طبي يتحدث عن معاناته من اضطراب نفسي، دون أن يكون صادرًا عن طبيب مختص (أي طبيب نفسي معتمد)، فإن المشغل قد يعتبر هذا التصريح إقراراً بعدم القدرة على أداء المهام، ويعتمده كأرضية لفسخ العقد، تحت ذريعة العجز الصحي.

⚖️ الفراغ القانوني والغموض في الإجراءات

مدونة الشغل لم تفصل بشكل دقيق في كيفية التعاطي مع الأمراض النفسية، ولا في طبيعة التقارير الطبية المعتمدة، وهذا الغموض قد يُستغل من طرف بعض أرباب العمل للتخلص من الأجراء، خصوصاً إذا لم تكن العلاقة الشغلية مستقرة، أو كانت هناك نزاعات قائمة.

🛡️ ضرورة التحسيس والتوعية

انطلاقاً من هذا الواقع، أصبح من الضروري إطلاق حملات تحسيسية وتوعوية لفائدة أجراء القطاع الخاص، حول:

كيفية التعامل مع الضغوط النفسية داخل العمل.

ضرورة استشارة الأطباء المختصين وعدم الإدلاء بتقارير أو تصريحات غير موثقة.

أهمية اللجوء إلى مندوبي الأجراء أو النقابات قبل اتخاذ أي خطوة قد تكون لها تبعات قانونية.

معرفة الحقوق والواجبات وفق ما تنص عليه المواد من 23 إلى 36 من مدونة الشغل، والمتعلقة بفسخ العقد والأسباب المقبولة لذلك.

🚫 لا تجعل صحتك النفسية ذريعة ضدك

الصحة النفسية حق مكفول، ويجب أن يكون محمياً، لكن في غياب الوعي القانوني والمرافقة المؤسساتية، قد يتحول هذا الحق إلى فخ قانوني يُفقد الأجير مصدر رزقه.

✅ خلاصة

يتعين على الحكومة والجهات الوصية على قطاع الشغل أن تضع آليات واضحة لتدبير حالات المرض النفسي داخل مقرات العمل، وأن تُدمج مقاربة الصحة النفسية ضمن سياسات الصحة والسلامة المهنية، كما يجب على الأجراء أن يدركوا أن حسن النية وحده لا يكفي، وأن أي تصريح أو وثيقة تقدم في سياق مهني يجب أن تُدرس بعناية، حتى لا تُستعمل ضدهم.

مشاركة هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *