هيلان
تعيش مدينة الصويرة في الآونة الأخيرة على وقع أزمة سكن خانقة، تفاقمت بشكل ملحوظ نتيجة ارتفاع أثمنة الكراء، خاصة في ظل تزايد الطلب المرتبط بالأنشطة السياحية والتجارية التي تعرفها المدينة.
هذا الوضع لم ينعكس فقط على عموم المواطنين، بل شمل أيضاً رجال الدرك الملكي، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع غلاء الكراء في ظل غياب السكن الوظيفي .
فرغم المهام الأمنية الحساسة التي يضطلع بها عناصر الدرك الملكي، فإن عدداً منهم أصبح مضطراً للبحث عن سكن في ضواحي المدينة أو حتى في القرى المجاورة، بعدما أصبحت أسعار الكراء داخل المدينة غير قابلة للتحمل، بل وغير منطقية في كثير من الأحيان، مما أثقل كاهل أسرهم وزاد من معاناتهم الاجتماعية والمادية.
وكانت عدة أحياء داخل المدينة، من بينها ساحة “بين العراصي”، تحتضن قديماً مساكن وظيفية مخصصة لرجال الدرك، منذ بدايات ثمانينيات القرن الماضي، إلا أن هذه المساكن إما أُفرغت أو تم التخلي عنها بشكل تدريجي، دون توفير بدائل مناسبة، وهو ما فاقم الوضع وأجبر العديد من رجال الدرك على الكراء بأسعار خيالية أو السكن في ظروف لا تليق بطبيعة مهامهم وتضحياتهم.
وتزيد حدة الأزمة مع تفضيل مالكي الشقق في المدينة الكراء المؤقت والموسمي، الذي يدر عليهم أرباحاً مرتفعة، على حساب الكراء طويل الأمد، ما جعل العديد من الأسر بما فيها أسر رجال الدرك عاجزة عن إيجاد سكن مستقر وبثمن معقول، بل إن بعضهم اضطر للسكن في أحياء نائية تفتقر للخدمات الأساسية أو إلى التنقل اليومي لمسافات طويلة.
وفي ظل هذه الظروف، توجهت أصوات من داخل المجتمع المدني وأسر رجال الدرك بنداءات مستعجلة إلى القيادة العامة للدرك الملكي، وعلى رأسها الجنرال محمد حرمو، من أجل التدخل العاجل وإيجاد حلول عملية، سواء من خلال إعادة تفعيل السكن الوظيفي داخل المدينة، أو تقديم دعم مادي مباشر يعين عناصر الدرك على مواجهة تكاليف الكراء المرتفعة، اقتداءً ببعض المبادرات الاجتماعية التي سبق أن نُفذت في جهات أخرى من المملكة وحققت نتائج إيجابية.
أزمة السكن في الصويرة لم تعد مجرد مشكل فردي أو ظرفي، بل تحوّلت إلى تحدٍّ اجتماعي يمس الاستقرار النفسي والمعيشي لعدد كبير من الأسر، ويستدعي تفاعلاً جاداً واستراتيجياً من كافة الجهات المعنية، من أجل ضمان العيش الكريم لكل من يساهم في أمن وتنمية هذه المدينة العريقة.


