تقوم الصحافة على مبادئ أساسية تشمل الدقة، النزاهة، الموضوعية، واحترام الحقيقة، ومع ذلك، قد يتجاوز بعض الصحفيين هذه المبادئ، فتتحول الصحافة من وسيلة لنقل المعلومات بموضوعية إلى أداة للإثارة والتأثير العاطفي والبحث عن مكاسب شخصية واستغلال الصفة المهنية دون احترام لأخلاقياتها .
وفي هذا السياق، أثار حميد المهداوي جدلًا واسعًا بسبب اتهامات بمخالفته لأخلاقيات المهنة واعتماده على أساليب مثيرة للجدل تتعارض مع المعايير الصحفية المتعارف عليها ، حيث يُفترض بالصحفي تقديم الأخبار بموضوعية بعيدًا عن التهويل أو التأثير العاطفي، إلا أن المهداوي، يميل إلى أسلوب يوصف بالشعبوي، حيث يركز على الإثارة أكثر من تقديم الحقائق بحيادية ، هذا النهج يجعل تقاريره أقرب إلى الخطاب التحريضي منها إلى التحليل الصحفي الرصين.
ومن أسس الصحافة المسؤولة التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها، لكن المهداوي ظهر في حالات معينة متسرعًا في نقل الأخبار دون التأكد من دقتها، ما أدى إلى نشر معلومات غير دقيقة أثرت على الرأي العام وأثارت تساؤلات حول مدى احترامه لميثاق شرف الصحافة.
و يُعد فصل الرأي الشخصي عن الخبر أساسًا لضمان الموضوعية، لكن المهداوي غالبًا ما يدمج بين الاثنين، فيقدم مواقفه الشخصية على أنها حقائق مطلقة، هذا الأمر يؤثر على حيادية الطرح ويعرض المتلقي لمحتوى غير متوازن.
ويفترض أن يكون مساحة للنقاش الحر والمسؤول، لكن أسلوب المهداوي يظهر أحيانًا ميلاً إلى المواجهة أكثر من تقديم معطيات موضوعية، ما يُبعده عن دور الصحفي المحايد ويقحمه كطرف في النزاعات ، كما يُلاحظ أيضًا سعيه لإضفاء صيغة “المظلومية” لكسب تعاطف الجمهور، الذي يتأثر غالبًا بالعاطفة أكثر من العقل.
النقد الصحفي البناء يتطلب تقديم وجهات النظر المختلفة وإعطاء فرصة الرد للأطراف المعنية، لكن محتوى المهداوي يفتقر أحيانًا إلى هذا التوازن، إذ يظهر منحازًا إلى طرف على حساب آخر، مما يُضعف مصداقية ما يقدمه ، وهنا يبقى التساؤل مفتوحًا حول حدود حرية التعبير في الصحافة والتزامها بأخلاقيات المهنة ، حيث ان الدفاع عن حرية الإعلام لا يعني تقديم الأخبار بطريقة غير متوازنة أو السعي للإثارة كوسيلة للتأثير، فالصحافة مسؤولية قبل أن تكون منبرًا للصوت المرتفع فإن التزام الصحفي بأخلاقيات المهنة هو ما يميزه كمهني محترف.
هذا ويحاول المهداوي الإيهام الرأي العام الوطني والدولي بأنه مستهدف لتبرير ممارساته المثيرة للجدل، فيما الحقيقة الضحية الوحيدة في هذه المعركة هي مهنة الصحافة نفسها، التي يستغلها البعض لتمرير أفكار ذاتية أو خوض معارك شخصية وممارسات أحيانًا تلقى دعمًا من جهات معادية للوطن ، بل أكثر من هذا تُستخدم الصحافة كغطاء لتحقيق مكاسب ذاتية ، وعندما يحاول المجلس الوطني للصحافة وضع حدٍّ لهذه التجاوزات، يتعرض لانتقادات من جهات تُتهم بمحاولة استغلال المهنة لأغراض لا علاقة لها بالإعلام المسؤول.
المثير في الموضوع هو أن حميد المهداوي يخوض معركة يدرك جيدًا أنه الفائز فيها ، حتى وإن كان ذلك على حساب أخلاقيات المهنة والوطن لأن تجربته السابقة وما حققه من مكاسب (…) ، يظهر أن التسامح والتغاضي عن الأخطاء لا يكفيان لمن اعتادوا التشكيك في مصداقية الدولة المغربية أمام المجتمع الدولي ومحاولة ابتزازها ، لكن وسط كل هذا لا يمكن أن نظل مكتوفي الأيدي ونحن نشهد من يختبئ وراء مهنة الصحافة الشريفة للإساءة إليها بهدف تحقيق مكاسب شخصية، وخوض معارك بالوكالة، وإقحام المهنة في صراعات لا علاقة لها بالإعلام المسؤول ..


