بداية مرتبكة لشركة النظافة بتمارة وسط مخاوف من تكرار إخفاقات الماضي

صحيفة بلوس
صحيفة بلوس - مدير الموقع

تعيش مدينة تمارة على وقع استياء متزايد بسبب الطريقة التي انطلقت بها شركة النظافة الجديدة، والتي كان يُنتظر منها القطع مع مظاهر العشوائية والاختلالات التي طبعت تجربة الشركة السابقة، غير أن المؤشرات الأولى لا توحي بحدوث تغيير حقيقي على أرض الواقع ،حيث بعد أسابيع من بداية التدبير المفوض، ما تزال مجموعة من الأحياء تعاني نقصاً واضحاً في الحاويات وشاحنات مهترئة قديمة ، فيما تستمر النفايات في الانتشار بنفس الوتيرة التي سادت في المرحلة السابقة.

وتُوجَّهُ انتقادات لاذعة للمجلس الجماعي بسبب الطريقة التي جرى بها التعاقد مع الشركة الجديدة، والتي اعتبرتها فعاليات محلية غير خاضعة للضوابط القانونية المعمول بها، كما عبّر العديد من السكان عن خيبة أملهم من استمرار استعمال حاويات الشركة السابقة ومعداتها نفسها، في غياب ما يؤكد أن هذه الشركة تتوفر فعلاً على أسطول جديد أو استراتيجية عمل مختلفة ،وهو ما يدفع إلى التساؤل حول جدوى رصد ميزانيات ضخمة دون تحقيق أي تحسن ملموس في جودة الخدمات.

ويزداد حجم الانتقادات أمام استمرار الجدل القديم حول غياب نائبة الرئيس المكلفة بقطاع النظافة، التي سبق أن أثيرت بشأنها ملاحظات حول “عدم تواجدها الدائم بالمدينة” بسبب ظروف عملها في طنجة، وهو الأمر الذي يرى فيه عدد من المتتبعين واحداً من أسباب ضعف مواكبة القطاع وتراكم مشاكله، خصوصاً في فترة حساسة تستوجب حضورا ميدانياً وتتبعاً يومياً.

وفي هذا السياق، نظّم المجلس الجماعي لقاءً تشاورياً بالمركب الثقافي عزيز الحبابي لعرض تصورات جديدة لتدبير القطاع، اللقاء جمع نائبة الرئيس، ومدير مكتب الدراسات، ومدير مصلحة النظافة، إلى جانب جمعيات فاعلة، غير أن فعاليات محلية سجلت “إقصاءً غير مفهوم” لعدد من الفاعلين المهتمين بالشأن البيئي، وهو ما اعتبروه ثغرة تضرب في عمق منهجية العمل التشاركي.

الاجتماع قدّم تشخيصاً عاماً للوضع الراهن، مبرزاً تحديات الكنس وجمع النفايات وتوسع المدينة، إضافة إلى مقترحات لاعتماد الرقمنة وتتبع الأسطول وتنظيم المسارات ،كما شهد نقاشاً حول توصيات تهم تعزيز المراقبة، وتكثيف حملات التوعية، وإطلاق مبادرات بيئية موجهة لتحسين الفضاءات المشتركة ، إلا أن النقاش غيب الحلقة الأهم وهو عمال النظافة الذين يعانون في صمت .

ورغم أهمية هذه اللقاءات، يرى العديد من الفاعلين أن الأولوية تكمن في معالجة أعطاب التدبير الحالي قبل الحديث عن رؤى مستقبلية، خصوصاً أن المدينة تعيش اليوم وضعاً مقلقاً يهدد بجعل التجربة الجديدة نسخة مكررة من سابقتها ، كما تنتظر الساكنة أن تُترجم هذه الوعود إلى إجراءات عملية واضحة، تُنهي حالة التراخي وتربط المسؤولية بالمحاسبة، حفاظاً على المال العام وضماناً لحق المواطنين في خدمات نظافة تحترم الحد الأدنى من الجودة، في مدينة تعرف نمواً عمرانياً متسارعاً يفرض استجابة فعالة وسريعة.

وفي سياق متصل، تُثار من جديد الانتقادات التي وُجّهت في المرحلة السابقة للمسؤولة عن قطاع النظافة، والتي اتُّهمت آنذاك بالتمييز بين الجمعيات وبالانتقائية في استهداف الأحياء المستفيدة من حملات التنظيف، إضافة إلى رصد ميزانيات وُصفت بالكبيرة في الحملات التحسيسية دون أن تسفر عن نتائج ملموسة على أرض الواقع، ويخشى عدد من المتتبعين أن يؤدي استمرار غياب الحكامة الصارمة إلى إعادة إنتاج الاختلالات ذاتها مع الشركة الجديدة.

ولفتت فعاليات نقابية وانسانية الانتباه إلى أن أي إصلاح حقيقي لقطاع النظافة لن يكتمل دون الالتفات إلى أجور المستخدمين وظروف عملهم، معتبرة أن تحسين جودة الخدمة يبدأ بالرفع من معنويات عمال النظافة الذين يشتغلون في ظروف صعبة ويعانون في صمت، وكان من المفترض أن يكون ملف الأجور والتحفيزات ضمن أولويات اللقاءات التشاورية، تقديراً لدور هؤلاء العمال الذين يتحملون العبء الأكبر في الميدان رغم ضعف الإمكانيات واستمرار غياب رؤية واضحة لتحسين أوضاعهم.

وتجدر الإشارة إلى أن الشركة الحالية، التي فُرض التعاقد معها رغم التحفظات، تواجه أصلاً مشكلات متعددة بعدة جماعات مجاورة، وهو ما يعزز مخاوف الساكنة من أن تتكرر تجربة فاشلة أخرى داخل تراب تمارة ،كما يرى متابعون أن حجم الاختلالات المسجلة يستدعي تدخل عامل الإقليم، السيد المصطفى النوحي، من أجل فرض احترام بنود دفتر التحملات، وتفعيل المراقبة الصارمة، وربط المسؤولية بالمحاسبة حفاظاً على جودة الخدمات والمال العام.

مشاركة هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *