الحاج بلعربي / مكتب مراكش
في زمن انتعشت فيه خدمات التوصيل بفعل الثورة الرقمية وتزايد الطلب على التجارة الإلكترونية، يعيش شباب مغاربة يعملون في هذا القطاع أوضاعًا مأساوية، إذ تحولت هذه “الفرصة” إلى باب جديد من أبواب الاستغلال الممنهج.
رواتب هزيلة لا تكفي لقوت يوم،
يكدح آلاف الشباب يوميًا تحت أشعة الشمس ووسط زحام الطرقات، حاملين على ظهورهم صناديق التوصيل، مقابل أجور بالكاد تسد رمقهم. ففي أغلب الحالات، لا تتجاوز الرواتب الشهرية سقف 3000 درهم، هذا إن توفرت أصلا، إذ تعتمد غالبية الشركات على نظام الدفع مقابل عدد الطلبات، ما يجعل مصير هؤلاء العمال مرتبطًا بعدد الزبائن ومزاج السوق.
يعمل هؤلاء الشباب لساعات طويلة قد تصل إلى 12 ساعة يوميًا، دون أي حماية قانونية أو اجتماعية، فلا تأمين ضد الحوادث ولا تغطية صحية، ولا حتى أدنى شروط الكرامة المهنية.
تعمل الشركات الكبرى، أغلبها ذات رأس مال أجنبي، على استغلال الفراغ القانوني، متهربة من التصريح بعمالها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تاركة هؤلاء الشبان تحت رحمة المجهول، بلا مستقبل ولا أفق.
في ظل هذه الأوضاع، يوجه العديد من النشطاء والمهنيين أصابع الاتهام إلى اللوبيات الاقتصادية، سواء الأجنبية أو المغربية، التي تتحكم في القطاع وتضغط في الكواليس لمنع تقنينه، خشية أن تؤثر أي إصلاحات على أرباحها الطائلة.
و ما يحز في النفس أكثر هو أن معظم هؤلاء الشباب يحملون شواهد جامعية أو مهنية، ولكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لقبول هذه “الوظائف” من أجل الهروب من شبح البطالة، ليصطدموا بجدار من الاستغلال والتهميش.
طموحاتهم تذوب يومًا بعد يوم وسط زحام الطرقات، بلا أمل ولا صوت يسمع صراخهم الصامت.
إلى أين يسير القطاع؟
يطرح هذا الواقع سؤالًا ملحًا:
هل تتحرك الحكومة المغربية من أجل إنقاذ هذه الفئة وإدماجها في الاقتصاد المهيكل؟ أم أن صمتها سيتواصل أمام تغول اللوبيات؟
ويبقى الأمل معقودًا على يقظة الضمائر، وعلى تحرك عاجل يوقف نزيف شباب أنهكه الاستغلال، وحطم طموحه في وضح النهار.


